الاثنين، 17 فبراير 2014

قل هذه سبيلي

زاد العقول والأرواح ( 8 )

{ قل هذه سبيلي }

اعلم - يا صاحب الرسالة، ويا من يحمل همّ دينه وأمته - أنه لا نجاح في مشرع حتى يكون شغلك الشاغل، وقضيتك التي تهتم بها في كل حين.
إنه الانقطاع الكلي لمشروعك: مشروعك الدعوي، التربوي، العلمي.
تأمل قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله..}
هذه الدعوة سبيلي وطريقي وشغلي.. 

الدكتور عبدالرحمن السميط - رحمه الله - نموذج معاصر للناجحين نجاحاً باهراً في مشروعاتهم الدعوية؛ يتحدَّث عن عمَلِه، ويعرفنا سرَّ التفوُّق في مشروع عمره، فيقول عن نفسه: "أنا ما عندي تلفاز، أنا أقدر أن آتي به، لكن أنا رفضتُ أن أشتري تلفازًا، ولا راديو، ولا جرائد، أنا أريد أن أعيش لهؤلاء فقط، ما عندي همٌّ غير هؤلاء".

الجملة الأخيرة هي سرُّ نجاحه؛ فالانقطاع في العمل الدعويِّ والتربوي والعلمي يجعل فِكْر الداعية والمربي  وطالب العلم واهتمامَه ونظرته تتَّحِد إلى جزءٍ محدَّد، يركِّز فيه عملَه وتطويره، ويعيشه في كلِّ لحظة، وهذا الشعور يجعلنا نفهم قول عمر بنِ الخطاب - رضي الله عنه -: "إنِّي لأجهِّز الجيوش وأنا في الصَّلاة".

ويبيّن هذا ويوضحه ما قاله أبو الأعلى المودودي في رسالته تذكرة دعاة الإسلام ص٢٤ :
(إنه من الواجب أن تكون في قلوبكم نار متقدة، تكون في ضرامها على الأقل مثل النار التي في قلب أحدكم عندما يجد ابنا له مريضا فلا يدعه حتى يجره إلى الطبيب، أو عندما لا يجد في بيته شيئا يسد به رمق حياة أولاده فتضطره إلى بذل الجهد والسعي.

وعليكم ألا تنفقوا لمصالحكم وشؤونكم الشخصية إلا أقل ما يمكن من أوقاتكم وجهودكم؛ فيكون معظمها منصرفا لما اتخذتم لأنفسكم من الغاية في الحياة.

وهذه العاطفة ما لم تكن راسخة في أذهانكم ملتحمة مع أرواحكم ودمائكم آخذة عليكم ألبابكم وأفكاركم؛ فإنكم لا تقدرون أن تحركوا ساكنا بمجرد أقوالكم.) انتهى بتصرف.

وهذا لأن شأن الدعوة شأن العلم، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك.

فليتنبه لذلك كل داعية مصلح، وكل مرّب مخلص، وكل طالب علم جاد.

ومن الكتب التي تفيد في شحذ الهمة حول هذه القضية كتاب "يا صاحب الرسالة" للدكتور خالد أبو شادي
وقد وجّه مؤلفه هتاف البداية إلى صاحب الرسالة بقوله:

هذه رسالتي إليك إن كان عزمك قد وهن وعهدك قد نُسي..
هذه وصيتي:
لمن زار الفتور روحه، وانخفضت درجة حرارة قلبه وتعرض لوعكة روحية طارئة أو مزمنة.
ولمن توالت عليه المسؤوليات فاضطربت عنده الأولويات؛ فجعل الدنيا ومشتقاتها على رأس القائمة، والآخرةَ في المؤخرة!!. 

ليست هناك تعليقات:

نوع التعليق المطلوب

Disqus إدخال إسم المستخدم