تعليق نفيس من الإمام الحافظ الذهبي حول ما يعرض لطالب الحديث من الآفات والأغراض النفسانية
قال الحافظ الذهبي أيضًا، في ترجمة الإمام سفيان الثوري من كتابه " تذكرة الحفاظ " [ 1/ 204، 205 ] مُعَلِّقًا على قوله - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -:«ليس طلب الحديث من عُدَّةِ الموت لكنه علة يتشاغل بها الرجل»،ما نصه:
( قلت: صدق والله؛ إن طلب الحديث شيء غير الحديث، فطلب الحديث اسم عُرْفِيٌّ لأمور زائدة على تحصيل ماهية الحديث، وكثير منها مَرَاقٍ إلى العلم وأكثرها أمور يُشْغَفُ بها المحدث من تحصيل النسخ المليحة، وتطلب العالي، وتكثير الشيوخ، والفرح بالألقاب والثناء وتمني العمر الطويل ليروي، وحب التفرد، إلى أمور عديدة لازمة للأغراض النفسانية، لا الأعمال الربانية.
فإذا كان طلبك الحديث النبوي محفوفًا بهذه الآفات فمتى خلاصك منها إلى الإخلاص؟!، وإذا كان علم الآثار مدخولاً فما ظنك بعلم المنطق والجدل وحكمة الأوائل التي تسلب الإيمان، وتورث الشكوك والحيرة التي لم تكن والله من علم الصحابة ولا التابعين ولا من علم الأوزاعي، والثوري، ومالك، وأبي حنيفة، وابن أبي ذئب، وشعبة ولا وَاللهِ عرفها ابن المبارك، ولا أبو يوسف القائل: " مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالكَلاَمِ تَزَنْدَقَ "، ولا وكيع، ولا بن مهدي، ولا ابن وهب، ولا الشافعي، ولا عفان، ولا أبو عبيد، ولا ابن المديني، وأحمد، وأبو ثور، والمزني، والبخاري، والأثرم، ومسلم، والنسائي، وابن خزيمة، وابن سريج، وابن المنذر، وأمثالهم، بل كانت علومهم القرآن، والحديث والفقه والنحو وشبه ذلك..
وقال سفيان أيضًا فيما سمعه منه الفريابي: " مَا مِنْ عَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ إِذَا صَحَّتِ النِيَّةُ فِيهِ "). انتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق