الأحد، 6 أبريل 2014

ولعبد مؤمن خير من مشرك

زاد العقول والأرواح ( 9 ):

{ ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم }

من دلائل العلم الصحيح والإيمان الصادق أن يكون حكمك على الأشياء والأشخاص مبنيا على الموازين الربانية، لا على المقاييس البشرية.
فالموازين الربانية هي الإيمان والصلاح ولو كان صاحبها فقيرا لا مال له، مغمورا لا جاه له ولا شهرة.

وأما المقاييس البشرية فتعود في الغالب إلى المال والجاه والجمال والنسب ونحو ذلك من المظاهر.

وإليك هذين النموذجين:

الأول: الموقف من الطاغية قارون،الذي آتاه الله من الكنوز ما لم يؤته غيره.
فكان إذا خرج على قومه في زينته ينقسم الناس فيه إلى قسمين، ذكرهما الله بقوله:
{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ}.
فالذين لا هم لهم إلا الدنيا، ولم يؤتوا من العلم ما يكشف لهم الأمور على حقائقها تمنوا أن يكون لهم مثله، لأنه في نظرهم القاصر ذو حظ عظيم!!
( وإن همة جعلت هذا غاية مرادها ومنتهى مطلبها، لَمِنْ أدنى الهمم وأسفلها، وليس لها أدنى صعود إلى المرادات العالية والمطالب الغالية.) كما قال السعدي رحمه الله.

وأما الذين آتاهم الله علما وبصيرة، ونظروا إلى بواطن الأمور لا إلى ظواهرها، وبنوا حكمهم على العواقب والمآلات؛ فتأسفوا على جهل أولئك، وبينوا لهم الميزان الصحيح الذي يجب أن توزن به الأحكام.

وأما الموقف الثاني فهو ما ثبت في صحيح البخاري من حديث عن سهل بن سعد، قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما تقولون في هذا؟» قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع، قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: «ما تقولون في هذا؟» قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يستمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا خير من ملء الأرض مثل هذا».
الله أكبر
هذا الرجل الفقير الذي لا وزن له عند الناس خير من ملء الأرض مثل هذا الذي له مكانة ووزن عندهم.

وأختم بهذه القاعدة، وهي أن 
"حكمك على الآخرين هو في الحقيقة حكم منك على نفسك"
وبيانها باختصار: أن من أعجبت بهم وأثنيت عليهم وأحببتهم فأنت منهم ومعهم.


وقفة أخيرة:
ختم الإمام الذهبي ترجمته للملحد ابن الراوندي بتعليق جدير بأن يُتأمّل، قال-رحمه الله-:
لعن الله الذكاء بلا إيمان، ورضي الله عن البلادة مع التقوى.

[سير أعلام النبلاء/ 14ج/ ص62]

ليست هناك تعليقات:

نوع التعليق المطلوب

Disqus إدخال إسم المستخدم