زاد العقول والأرواح ( 5 )
"اقرأ باسم ربك"
هذا أول أمر نزل في القرآن الكريم، وكلمة "اقرأ" هي أول كلمة بلغها جبريل الأمين إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن ابتداء الوحي بهذه الكلمة له دلالة عظيمة على أهمية مدلول هذا الفعل: "اقرأ".
إن في القرآن مئاتٍ من الأوامر: أقم الصلاة.. آتوا الزكاة.. وجاهدوا في سبيل الله.. وأْمر بالمعروف.. انه عن المنكر.. اصبر على ما أصابك.. أنفقوا مما رزقناكم.. توبوا إلى الله... وغيرها الكثير في القرآن الكريم.. ومن بين كل هذه الأوامر.. نزل الأمر الأول: اقرأ..
ولم يتوقف الأمر عند حدود الكلمة الأولى.. بل إن الآيات الخمس الأولى من القرآن الكريم تتكلم كلها عن موضوع القراءة، وتكررت فيها كلمة "اقرأ" مرتين...
"اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق"... وبعد ذلك: "اقرأ وربك الأكرم".. ثم يقول: "الذي علم بالقلم".. وذكرُ القلم بالتحديد يؤكد الارتباط بين القراءة والكتابة، وأن المقصود هو القراءة للشيء المكتوب بالقلم.
وفي قول الله تعالى : (( اقرأ وربك الأكرم )) إشارة إلى أن القراء هم من سينالون كرم الله عز وجل في الدنيا، وهم من سيعلوا شأنهم ويمكنون في الأرض.
أفيقبل بعد هذا أن يوجد كثيرون من أمة "اقرأ" لا يقرأون؟!
أيجدر بمسلم بعد هذا الأمر الرباني الصريح أن يتكاسل عن قراءة ما ينفعه؟!
إن حياة المسلم ابتداءً من سن التكليف وانتهاءً بيوم البعث والنشور تقع بين أمرين بالقراءة :
الأمر الأول: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) .
الأمر الثاني قول الله تعالى في سورة الإسراء عن يوم الحساب : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) .
فكيف هي القراءة في حياة أمة اقرأ؟!
وأخيرًا؛ ليُعلم أن القراءة هي غذاء العقل ، ومصدر الثقافة الأول..
وهي من أهم سبل الارتقاء والعلم...
وكفى بالمرء نقصًا وعيبًا أن يكون مقصرًا في قراءة القرآن بانتظام..، وكفى به جهلاً وتخلفًا عندما لا يقرأ ما ينفعه، ولا يجعل القراءة منهج حياة له.
تنبيه لا بد منه: القراءة وحدها قد تخرج بها مثقفا، ولكنك لا يمكن أن تكون عالما حتى تجمع بينها وبين أخذ العلم من أهله، وهم العلماء.
وقد أورد الشاطبي في الموافقات قول من قال: "إن العلم كان في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتب، وصارت مفاتحه بأيدي الرجال"، ثم علّق عليه بقوله:
"وهذا الكلام يقضي بأن لا بد في تحصيله من الرجال...، وأصل هذا في الصحيح: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء..." الحديث، فإذا كان كذلك؛ فالرجال هم مفاتحه بلا شك."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق