الجمعة، 5 يونيو 2015

من روائع الكتب

من روائع الكتب 1 :

كتاب "تأويل مشكل القرآن" للإم عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري  المتوفى سنة 276 هـ.

وقد ذكر ابن قتيبة  السبب الذي دفعه إلى تأليف هذا الكتاب، فقال ص (١٧): "وقد اعترض كتاب الله بالطعن ملحدون، ولغوا فيه وهجروا، واتبعوا: {ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} [آل عمران: ٧] بأفهام كليلة، وأبصار عليلة، ونظر مدخول؛ فحرفوا الكلام عن مواضعه، وعدلوه عن سبله؛ ثم قضوا عليه بالتناقض، والاستحالة في اللحن، وفساد النظم، والاختلاف. وأدلوا في ذلك بعلل ربما أمالت الضعيف الغمرة والحدث الغر، واعترضت بالشبه في القلوب، وقدحت بالشكوك في الصدور ...
فأحببت أن انضح عن كتاب الله، وأرمي من ورائه بالحجج النيرة، والبراهين البينة، وأكشف للناس ما يلبسون، فألفت هذا الكتاب جامعا لتأويل مشكل القرآن... "

وقد تحدث في هذا الكتاب  عن موقف علماء الكلام من أهل الحديث وما تحدثوا عنهم به من شتى التهم والمثالب؛ وعرض بالنقد لما ذهب إليه النظام من اعتراضه على أبي بكر وعمر وعلي، وطعنه على ابن مسعود وحذيفة وأبي هريرة. ونقد كذلك ثمامة بن الأشرس، ومحمد بن الجهم البرمكي، والجاحظ، وأبا الهذيل العلاف، وغيرهم؛ وعرض لأهل الرأي، وأبان عن منابذتهم للكتاب والسنة، وأدار الجزء الأكبر من كتابه على الأحاديث التي ادعي عليها التناقض والاختلاف ومخالفة القرآن؛ والأحاديث التي زعموا أن النظر يدفعها، وحجة العقل تدمغها؛ فكشف عن معانيها التي صرفهم عن فقهها الهوى الجموح، ولفتهم عن وجه الحق فيها إلحاد الضمائر والقلوب والعقول.

والكتاب في طبع مجلد واحد كبير بتحقيق الاستاذ الكبير:  السيد أحمد صقر

نموذج من الكتاب :

قال رحمه الله :

"وأما قولهم: ماذا أراد بإنزال المتشابه في القرآن، من أراد بالقرآن لعباده الهدى والتبيان؟.
- فالجواب عنه: أن القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها، ومذاهبها في الإيجاز والاختصار، والإطالة والتوكيد، والإشارة إلى الشيء، وإغماض بعض المعاني حتى لا يظهر عليه إلا اللقن [ السريع الفهم]، وإظهار بعضها، وضرب الأمثال لما خفي.

ولو كان القرآن كله ظاهرا مكشوفا حتى يستوي في معرفته العالم والجاهل، لبطل التفاضل بين الناس، وسقطت المحنة، وماتت الخواطر.
ومع الحاجة تقع الفكرة والحيلة، ومع الكفاية يقع العجز والبلادة.
وقالوا: عيب الغنى أنه يورث البله، وفضيلة الفقر أنه يبعث الحيلة.
وقال: أكثم بن صيفي: ما يسرني أني مكفي كل أمر الدنيا. قيل له: ولم؟ قال:
أكره عادة العجز.
وكل باب من أبواب العلم: من الفقه والحساب والفرائض والنحو، فمنه ما يجل، ومنه ما يدق، ليرتقي المتعلم فيه رتبة بعد رتبة، حتى يبلغ منتهاه، ويدرك أقصاه ولتكون للعالم فضيلة النظر، وحسن الاستخراج، ولتقع المثوبة من الله على حسن العناية.
ولو كان كل فن من العلوم شيئا واحدا: لم يكن عالم ولا متعلم، ولا خفي ولا جلي لأن فضائل الأشياء تعرف بأضدادها، فالخير يعرف بالشر، والنفع بالضر، والحلو بالمر، والقليل بالكثير، والصغير بالكبير، والباطن بالظاهر.... " انتهي

ليست هناك تعليقات:

نوع التعليق المطلوب

Disqus إدخال إسم المستخدم