زاد العقول والأرواح ( ٢ )
{ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
{ ولباس التقوى ذلك خير}
العقلاء من الناس، والموفقون من عباد الله هم من يجمعون بين غذاء الروح وغذاء العقل وغذاء الجسد، ويهتمون بجمال الباطن أكثر من اهتمامهم بجمال الظاهر.
والجاهلون لا يهتمون إلا بالمظاهر.
فتجد كثيرين يظهرون أمام الناس وقد لبسوا أحسن لباس، فيعجبك مظهرهم وجمال ملبسهم، ولكنك تتفاجأ بضحالة معلوماتهم وسطحية تفكيرهم، وتفاهة اهتماماتهم.
ولا شك أن مثل هذه المظاهر من دلائل الجهل.
ومن أبرز مظاهر الجهل في هذا الباب الاهتمام بالدنيا على حساب الآخرة، والاشتغال بزينتها ولهوها ولعبها ومتاعها، وترك الاستعداد للآخرة التي هي الحياة الحقيقية الباقية.
ومن الأمثلة اليومية التي تقرر هذا المعنى وتؤكده:
أنه لا يكاد يوجد بين الناس من يترك تناول الوجبات الرئيسية من الطعام وهي ثلاث وجبات يوميا التي هي غذاء الجسد، ولكنْ كثير من الناس ينسى غداء روحه وعقله، وغذاء الروح هو الذكر وقراءة القرآن والأعمال الصالحة، وغذاء العقل هو العلم النافع الذي يكتسب بالقراءة وغيرها من وسائل تحصيل العلم.
والأمثلة على ذلك كثيرة، واللبيب تكفيه الإشارة.
والخلاصة التي أختم بها: عليك أيها العاقل الموفق أن تهتم بغذاء روحك وعقلك أكثر من اهتمامك بغذاء جسدك، فإن أبيت فلا أقل من أن تعدل بينها في الاهتمام.
وعليك بأن تحرص على جمال سريرتك وباطنك أكثر من حرصك على جمال شكلك ولباسك.
واعلم بأن الله ينظر إلى قلبك وعملك ولا ينظر إلى صورتك وشكلك.
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى
تجرد عريانا ولو كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه
ولا خير فيمن كان لله عاصيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق