الجمعة، 31 يناير 2014

زاد العقول الأرواح  ( ١ )

{ وجعلني مباركا أينما كنت}

ما أروعه من تعبير وما أحسنه من وصف!
مبارك أينما كان
قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: {جعلني مُبَارَكًا أينما كنت} قَالَ: معلما للخير.
وعلق ابن القيم على قول سفيان بقوله:  "وَهَذَا يدل على أن تَعْلِيم الرجل الْخَيْر هُوَ الْبركَة الَّتِي جعلهَا الله فِيهِ؛ فَإِن الْبركَة حُصُول الْخَيْر ونماؤه ودوامه، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ إِلَّا فِي الْعلم الْمَوْرُوث عَن الانبياء وتعليمه" انتهى.
ولما كتب ابن القيم رسالة إلى أحد إخوانه صدّرها بقوله:
( الله المسؤول المرجو الإجابة أن يحسن إلى الأخ علاء الدين في الدنيا والآخرة وينفع به ويجعله مباركا أينما كان؛ فإن بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل ونصحه لكل من اجتمع به، قال الله تعالى إخبارا عن المسيح: {وجعلني مباركا أين ما كنت} أي معلما للخير داعيا إلى الله مذكرا به مرغبا في طاعته.
فهذا من بركة الرجل، ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة ومحقت بركة لقائه والاجتماع به بل تمحق بركة من لقيه واجتمع به..)

والمرء المبارك يتتبع رضوان الله حيثما كان فينفع نفسه، وينتفع به غيره، وصفه ابن القيم بـ"صاحب التعبد المطلق"

وقال عنه:
 "وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثرهـ على غيرهـ ، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت، فمدار تعبده عليها فهو لا يزال متنقلاً في منازل العبودية .. كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها ، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة اخرى ، فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره...إلخ [ ينظر للاستزادة مدارج السالكين(1/111) ]

ووصفه الشيخ بكر ابو زيد بـ[الطراز المبارگ] فقال :
"إن القيم والأقدار، وآثارها الحسان الممتدة على مسارب الزمن لا تقوَّم بالجاه والمنصب والمال والشهرة وكيل المدائح والألقاب، وإنما قوامها وتقويمها بالفضل والجهاد وربط العلم بالعمل، مع نبل نفس وأدب جمّ وحسن سمتٍ؛ فهذه وأمثالها هي التي توزن بها الرجال والأعمال .. وإلى هذا الطراز المبارك تشخُصُ أبصار العالم ، ولكل نبأ مستقر" [تصنيف الناس بين الظن واليقين صـ7) ] 

ومن أراد الاستزادة فيمكنه الرجوع إلى رسالة للشيخ عادل آل عبدالعالي بعنوان 
"مبارك أينما كنت"

ليست هناك تعليقات:

نوع التعليق المطلوب

Disqus إدخال إسم المستخدم